في الصمت تولد الحكايات .. و تموت الحكايات .. دون أن يتلفت أحد إلى ولادتها أو موتها .
هي : لماذا لا تحبني ؟
هو : و من قال إني لا أحبك ؟
هي : صمتك أمامي ينطق بعدم اهتمامك بي .
هو : إذن صمتي ينطق في حضرتك .
هي : هذا ما أشعر به دائما .
هو : ألا تعلمين يا سيدتي أن صمت الرجل لا ينطق إلا في حضرة امرأة يعشقها ؟
هي : يعشقها ؟ إذن أنت تحبني ؟
هو : كيف لم تشعري بها ؟
هي : كنت أنتظر صوتك يأتي لي بها .
هو : أحيانا .. يعجز الصوت عن الوصول إلى عمق تعبير الصمت .
هي : أ كنت تحبني بصمت يا سيدي ؟
هو : بل كنت أحبك بجنون يا سيدتي .
هي : و لماذا حرمتني من متعة الإنصات إليها بصوتك ؟
هو : خفت عليك من عواصفها و عواقبها .
هي : الحب لا يعصف .. إنه يبني .
هو : حين يولد الحب في زمان ليس زمانه .. فإنه يَقتُل و يُقتل .
هي : و من قال يا سيدي إن الزمان ليس زمان حبك ؟
هو : كل ما بك .. و كل ما بي .. يصرخ بهذه الحقيقة .
هي : ليس بي سوى حبك الذي يملأني كالدم .
هو : إن كان يملأك كالدم فثقي بأنك ستنزفينه ذات يوم مضطرة .
هي : و ما الذي يضطرني لنزف دمي ؟
هو : هو الشيء ذاته الذي يضطرني إلي الصمت في حضرة امرأة أعشقها بجنون .
هي : أنا لا أفهمك يا سيدي .
هو : ستفهمين يوما ما .
هي : متى ؟
هو : عندما يطويك العمر بعيدا عني .. عندما تلتفتين خلفك و تلمحين بقاياي .. عندما تغمضين عينيك و تسترجعين أيام حبك لي .. عندما تلقي بي صدفة قاسية في طريقك و تلمحينها معي .. و تعودين إلى عالمك الوردي باكية ناقمة .
هي : ناقمة عليك ؟ مستحيل .
هو : بل ناقمة على ظروفي التي خذلتك و خذلت أحاسيسك تجاهي و أحلامك النقية بي .
هي : لا أريد منك شيئا .. و لا أطالبك بالمستحيل .. فقط أريد أن أحتل مكاني الجميل في قلبك .. أريد أن تبقى معي .. كالقمر أراه من بعيد و أعلم أنه ليس لي .
هو : لكن للحب في قلبك حق الظهور إلى النور و استنشاق هواء الواقع و التمتع بحرية الأحرار .
هي : لماذا تكبلني بالحواجز و تتفنن في حفر نفق الرحيل عنك أمامي ؟
هو : من أجلك يا صغيرتي .
هي : من أجلي تقتلني ؟
هو : أنا لا أقتلك .. لكنني أتيح لك فرصة أجمل و أرحم لحياة طبيعية لآخر يستحقك أكثر مني .
هي : لو فارقتك سأموت .
هو : و لو بقيت بقربي .. أيضا ستموتين .
هي : إذن هو الموت في كل الأحوال .
هو : إذن اختاري الموت الأرحم .
هي : أختار قربك .. فأنت لا يمكنك تصور حالتي حين تغيب عني .. أبحث عنك كالمجنونة .. و يخيّل إليّ أن الجميع يسمع دقات قلبي تناديك .
هو : أنا أيضا حين أراك أنسلخ من نضجي و وقاري و أتحول إلى طفل صغير يبحث عن الأمان .. لكنني لن أحتمل رؤيتك تموتين أمامي .
هي : و لن أحتمل الموت بعيدا عنك .
هو : لكن ...
هي : لا تفسح لـ(لكن) مكاناً بيني و بينك .. فإحساسي بك لا يتسع لاحتمالات مؤلمة .
هو : بل هو لا يتسع إلا للألم .
هي : أحبك سيدي .. هل تسمعني ؟
هو : ما يقتلني هو أني أسمعك و لا أستطيع الإجابة .
هي : إذن اصرخ بي أنك تحبني .
هو : لا أحبك .
هي : بل تحبني .
هو : لا أحبك .
هي : تحبني .
هو : لا .. أ .. ح .. ب ..